• الشاهد 

    الالتفاف المخيف حول الغنوشي ..

     قال لي احد الاصدقاء "نقابي" كان يتابع حوار زعيم النهضة على الجزيرة ان الغنوشي يتطور بسرعة ، قلت له في الحقيقة الرجل لا يتطور بالسرعة التي يصفها البعض لان ذلك الايقاع من خصائص الشباب الذي مازال يسعه العمر للتفريغ والتعبئة من جديد ، اما الغنوشي فيمكن القول انه يهضم المستجدات بسرعة ولديه ثروة فكرية خاملة يتم تحفيزها تباعا خاصة خلال الازمات ، اضافة الى قدرته على تصريف محصوله المكتنز في الوقت المحدد والمكان المناسب . في المحصلة يمكن القول ان العديد من متابعي الغنوشي وحتى من محيطه القريب تعاملوا معه فقط وفق السلوك الفكري والسياسي المستهلك الذي دخل طور العمل ، ولم يتفطنوا الى ان خابية الرجل عميقة وحمالة ، وقد لا تكون قدرة الغنوشي في المبادرات وانما في علاج المشكلات ، لانه عادة ما يتمدد في العواصف ويطل بأفكاره و يعود لينكمش في حالات الهدوء ، وعلى عكس الكثير من السياسيين و المفكرين يصاب آداء الغنوشي في مراحل السكون والحراك الآلي الروتيني بالضمور اين تنطوي قريحته السياسية وتسترخي طاقة الضخ لديه .

    أعاد التفاعل الايجابي والواسع لابناء النهضة مع حوار الغنوشي على الجزيرة والاحتفاء بردوده وتثمينها ، هاجسا طالما تجاهلته النهضة وتبرمت من طرحه ، وحاولت بعض قياداتها الهروب الى الانكار ، اذْ لا يمكن بحال المرور عرضا على حالة الالتفاف التي يصنعها الغنوشي وتعويم رمزيته الناتجة والقادرة على الربط و التمْسيك . صحيح انه لا خلاف في ان النهضة تملك قيادات متميزة وغير متباعدة في الأداء ، لكن الاكيد ان المسافة الفاصلة بين الغنوشي وبقية الرموز النهضاوية مخيفة ، وان أي غياب للرجل قد يصيب الجسم بحالة من التلعثم اقله في المرحلة الاولى ، ليس لان الغنوشي بذلك التميز الكبير او لانه عُمق السياسية وهم حواشيها ، بل لانه يحسن التعامل الى حد بعيد مع "البسكولة" ولديه حس رهيف يجعله يقارب بشدة ولا يخسر الميزان ، وهي حرفة تصنعها التجربة والجرأة المدروسة بعناية.

     

    يعود بروز الغنوشي بقوة لخبرته في توقيت الاندفاع ونجاحه في الاختراق حين يَهمّ ، وذلك نتيجة اكتسابه لجرأة المبادرة وايضا انطلاقا من تجربته الطويلة على رأس الحركة ، واحسب ان ملكات الغنوشي لم تتخلق في جزيرة معزولة عن بقية قيادات وابناء الجسم النهضاوي ، لذلك تجدر الاشارة الى ان المبادرة الذكية والجرأة التي لا تخدش الانضباط التنظيمي من شأنها تصعيد عناصر اخرى وتقريبها لتلتحم بالرقم واحد في التنظيم ، وعلى قيادات النهضة عدم العزوف عن المنافسة اذا كانت مسيّجة بأخلاقيات عامة متعارف عليها ، لأنه وفي كل الاحوال لن يكون الغنوشي على رأس النهضة بعد سنوات طالت ام قصرت ، لذلك وجب تخصيب رمزيات جديدة تحاكي الغنوشي وتكون جاهزة لاخذ المشعل في أي وقت وقادرة على سد الفراغ بل وتقديم الاضافة ، ولا يجب الخضوع لمبدء دعها حتى تقع ولا الى الغلو في الاستعفاف والتوسع في الزهد.

     

    في ساحة متعثرة ، واحزاب مخرومة لا تكد تلم شملها الايسر حتى ينخرم الايمن ، تقف النهضة متماسكة ملتفة حول قياداتها وخاصة حول زعيمها ، تلك نتيجة لذيذة لا يجب الركون اليها ، ليس على الغنوشي ان يخفض من سرعة انتاجه ، بل بالعكس ففي ساحة ما بعد الثورة وامام مشروع واعد يتعرض الى الهرسلة على الغنوشي ان يمر الى السرعة القصوى ، مقابل ذلك على قيادات النهضة ان تجهز انامل اخرى بديلة قادرة على مداعبة نسيجها المتباين والتعامل معه بعقلية جامعة تحسن ادراة مفارقاته .. وعلى الحركة ان لا يخالطها الاطمئنان المقعد حين تقيس وضعها بوضع نظرائها في الساحة ، عليها ان تقيس وضعها بالمأمول ، بالنجاح ، بضخامة التحديات .

    نصرالدين السويلمي 

     

     

    Partager via Gmail Delicious Yahoo! Pin It

    votre commentaire
  • النهضة والمهمّة التاريخية : من مقاومة الانقلاب إلى ترسيخ الديمقراطية في تونس

     

     

    1- الديمقراطية في تونس  بين الحقيقة والخيال

    حدثت في تونس ثورة 17ـ14 سماها المجلس التاسيسي “ثورة الحرية والكرامة”… لكن هل كان بإمكان “الثورة” أن تحقق شيئا من أهدافها كمقاومة الفقر والبطالة ا وان تصمد أو أن تمنع الأسوأ كالانقلاب أو الحرب الأهلية ؟ 

    لم تقبل الجهات الخارجية والإقليمية بثورة الحرية والكرامة وبديمقراطية تونسية وتجندت لذلك المخابرات في الجوار وفي الإقليم وفي الشرق وفي الغرب 

    لم تقبل أطراف داخلية بتونس ايضا  ديمقراطية  تستوعب الاسلاميين او تعطي حق للمهمشين في اختيار من يحكمهم لان مصالحها تقتضي نظاما فسدا استبداديا  أما الدوافع فهي إما مادية أو إيديولوجية. 

    كانت مهمة النهضة الحفاظ على الانتقال الديمقراطي مهما كان الثمن … ونجحت في ذلك. 

    2- النهضة والمرزوقي 

    ظلت النهضة في تعاون وتواصل وتشارك مع مكونات الترويكا وخاصة الرئيس المرزوقي وظل قادتها يكنون له التقدير والاحترام وتمتع بدعم شعبي من قواعد النهضة دعما منقطع النظير ـ وكنت واحدا منهم ـ لإيماننا بان الرئيس المرزوقي حالة ثورية فعلا كما نعتبره رمزا للنضال السياسي و ضامنا للحفاظ على الحريات العامة والفردية … ولكن الخلل ظهر من حزبه الأول المؤتمر من اجل الجمهورية الذي تشظى إلى عدة أحزاب وخرج منه عدة” زعماء “لا يقبلون بالمرزوقي رئيسا او قائدا او زعيما  … (العيادي ، عبّو ، هميلة…). 

    واليوم في 2015 يبقى الرئيس المرزوقي ، وبمفرده وبغض النظر عن حزبه ، زعيما سياسيا قادرا على جمع أطياف عديدة من الناس حوله ومن مختلف الاتجاهات. 

    ولكن لا يفيده في شيء تهجم بعض المقربين منه على النهضة قيادة أو أنصارا  وعلى المقربين من الرئيس المرزوقي  تنظيم أدواتهم الحزبية للعمل والدعاية والإعلام …لان النهضة قد ترشح أحد قادتها في الانتخابات الرئاسية القادمة. 

    3- النهضة والإقصاء 

    تجنبت النهضة إقصاء التّجمعيين وهي بذلك جنبت البلاد مصيرا شبيها بما آل إليه الوضع في العراق بعد ” قانون اجتثاث البعث ” أو مصير ليبيا بعد إقرار    ” قانون العزل السياسي ” لان مصلحة البلاد أهم من مصلحة الحزب . 

    4-  النهضة والفكر السياسي 

    حضرت نقاشات سياسية ثرية ومنها في إطار الاستعداد المؤتمر العاشر لحزب حركة النهضة ولاحظت عمق تناول القضايا ويمكن أن نجيب من  يتساءلون لماذا تتخذ النهضة الموقف كذا او كذا بان حركة النهضة تدرك أهمية الأولويات : 

    أ : الحفاظ على الدولة 

    ب : أهمية استمرار المسار الديمقراطي 

    ج: ضمان التعايش السلمي بين جميع التونسيين على أساس الدستور والقانون 

       إنّ حركة النهضة  تدرك حجم الأخطار المحدقة بالبلاد…  من الجوار الإقليمي  و من الداخل و في تكامل للأدوار . . . ويمكن أن أشير إلى أن من لا يقرؤون حجم الدمار القادم إلينا من داعش ليبيا إنما يعيشون خارج الجغرافيا وخارج التاريخ … ويكفي أن نشير أيضا  أن إغفال إسهام الحكومة التونسية في إيجاد حل سياسي في ليبيا هو إهمال للأمن القومي التونسي 

    النهضة تنتظر إلى الوضع التونسي بروح المسؤولية للحفاظ على البلاد والعباد.
    . 

    القلم الحرّ إسماعيل بوسروال 

    Partager via Gmail Delicious Yahoo! Pin It

    votre commentaire


    Suivre le flux RSS des articles de cette rubrique
    Suivre le flux RSS des commentaires de cette rubrique